الخميس، 3 يونيو 2010

الامة والقومية مصطلحان غريبان في الصهيونية


بقلم: أ. سماح رمضان 

ذلك ماقاله:"مردخاي بار_اون" رئيس دائرة الشباب الطلائعي في الوكالة اليهودية .
عندما نقارن كلمات ثيودر هرتسل في المؤتمر المشؤوم نحو التوحد والاستعلائية وجمع يهود العالم في ارض الاجداد... نجدها متناقضة مع استغراب مردخاي بار _اون.
مايهمنا الان ان نقوم بنظرة تحليلية عن ايديلوجية الصهيونية وتطابق اي من الاقوال السابقة كانت ضمن النهج الفعلي التي كانت علية الجماعات اليهودية في اوربا والعالم باسره .
انطلقت الحركة الصهيونية عبر نداءات، وكلمات تنادي بالقومية،  ومن السنة كتابها والوطنيين بوسط جو اجتاح الدول اللاوروبية حينئذ، اذن لم يكن من دواعي التوحيد، والتجمع وايجاد هوية مناسبة لهذا القطيع، الذي لم يكن ينعم باستقرار اجتماعي وسياسي واقتصادي حتي يدعي انه من السامية، واعتلاء علي بني البشر، وتقيم الجدار العازل الانساني في ( الغيتو) العنصري بينها وبين الشعوب الاخري بشكل منعزل وتكبر ديني .
هذه الايديولجية العشوائية جعلت انصار كتاب الصهيونية في جدال وصدام، والخوض في حقيقة الصهيونية، وهدفها من الاستعمار والتنكر لانتمائها الي يهود العالم، واستغرابهم واعتراضهم علي المسار الممزوج بالظلم والاستبداد، والتقرب من الملوك والامراء لتحقيق مصالحهم وتحقيق اهدافهم، تاركين ورائهم الاثار التي يحتفظون بها ويعتزون بانهم كانوا في عداد المظلومين في اكثر من واقعة في اروبا مثل المحرقة اليهودية ، وذلك ما يعيدون تجديده الان في الاراضي المحلتة، وتفريطهم من قتل ودمار وتشريد للانسان والارض معاً.

لم تكن هذه فقط من اراء واقلام كتابهم من بني قبيلتهم ، وانما من دول اروبية عظمي، تحتل مكانة سياسية ونفوذ سلطوي،  قوي مثل بريطانيا،  ومن كتابها "ارنولد توينبي" الذي كتب الكثير عن سبب اقتراف الكيان الصهيوني للحروب والمجازر ضد الفلسطينين،  ومن هو كان "ارض بلا شعب ومن هم شعوب بلا ارض" ....وقال "توينبي" تحديدا في اليهود والصراع الفلسطيني الاسرائيلي قائلا:"   انا لست عربيا ولا يهوديا،  وليس لي اية مصلحة شخصية في ان احابي او احمل علي اي الفريقين... ان بريطانيا تحمل اكبر قسط من المسئوولية في النزاع بين العرب واليهود ..جاءت دولة محتلة وبعد ذلك منتدبةفمنذ البداية وحتي النهاية لم تكن في تفكير في اية خطة عملية لاقرار الامور سلميا في وضع فلسطين غير المستقر القابل للانفجار الذي اوجدته بريطانيا بترو وتعمد باعتباري بريطانيا .. قصة فلسطين مأساة وليس بقتال نشب عام1948م..معاملة اليهود للعرب في فلسطين مشابهة من الناحية الاخلاقية لمعاملة النازية لليهود اثناء الحرب العالمية الثانية...اسرائيل الصهيونية الجديدة في فلسطين طبعة ثانية من الدول الغربية العنصرية الجديدة".
ولحتي هذه اللحظة تبرر جرائم حربها علي الارض والشعب،  والذي يحمل في طياته الكثير الذي لامس واقع غزة، ورام الله، والقدس الشرقية ،وبقية فلسطين باكملها من دمار شامل،  وغزو لازم القضية الفلسطينية من المهد الي هذه اللحظة.
فلاسفة علم النفس والصهيونية
لم يقتصر الوصف السياسي علي كتاب السياسة فقط ، وانما امتد الي كبار الفلاسفة علم النفس في العالم،  والذين عاصروا افعال الكيان الصهيوني وتدرج طبيعتها الايديولوجية العشوائية ، ومنهم" فرويد، وماركس ،وسارتر، وحنة ارنت"، وغيرهم من الذين يؤكدون علي ان الامة والقومية كانت مجرد شعارات وطنية ظللت حقيقة صهيونتها  من تشرذمها منذ بدء التكوين.
ونبدأ في التحليل النفسي السياسي لفرويد، وقد عثر علي رسالة له كتبها عام 1930م في بعض شخصيات يهودية،  ويقول فيها:"ان فلسطين لا يمكن ان تصبح دولة يهودية.."، واعترف ايضا:"ان تعصب شعبنا يستحق التوبيخ لم تسبب فية من توليد الخشية لدي العرب .." وذلك يتطابق مع مقولات تويبني عندما قال :" اشعر شخصيا بهذه المسؤولية ولاني لست عربيا ولا يهوديا..".
ويعتبر ماركس من اكثر الكتاب الذي طالب المجتمع باكمله  التحرر من اليهودية بالرغم من اصوله اليهودية ، وقد كتب في عام 1843م التي كانت اكثر عداء للسامين في القرن التاسع عشر ، وقد تطرق الي النمط الديني في سيطرة الملكية الخاصة وعبادة المال، ووصف التوحد اليهودي عبارة عن:" وثنية الحاجيات المتعددة" ،وفسر ذلك في سيطرة عقلية الجشع والاستهلاك والانتاج المتواصل للرغبات.
وذلك مانشاهده في تعامل اللوبي الصهيوني في فرض هيمنته علي الاستراتيجية الاقتصادية للدول العظمي ، وتتمركز قوتها هذه في الولايات المتحدة الامريكية ، ومانجم عنه من انشاء الكيان الصهيوني في بدء الامر منذ وجود دول الانتداب الاستعماري علي الدول العربية وبعدها امريكا التي اصبحت الاخيرة تلجأ الي اسرائيل في تنفيذ قرارات عسكرية تخرج من البيت الابيض تحت الضغط الصهيوني،  الذي يحقق اهداف ومصالح البلدين في الصراع العربي الاسرائيلي وبالتحديد القضية الفلسطينية.
اما سارتر الذي  اتهم في ميلة لليهود فقد كتب عام 1946م مقالة بعنوان :"تاملات حول المسالة اليهودية"، واصف اليهود بانهم نتاج العداء للسامية،  اي نظرة الاخر الاقصائية العدوانية، ودل بذلك قائلا:" ليس المرسوم الالهي الذي جعله يهوديا بل المجتمع...نحن الذين فرضناه علي ان يكون يهوديا رغما عنه".
وقد اكد في نزعة اليهود في عدائهم للسامية ليست عقيدة مناهضة لليهود لا لأاسباب دينية او ثقافية،  بل هو موقف وجودي معاد لانسانية الانسان ، واستطرق بذلك بقوله:"الانسان عندما يصبح قاسيا متوحشا وصاعقة مدمرة ...اي كل شئ الا ان يكون انسانا".
من الطبيعي ان تستقبل هذه الحقائق بمزيد من السخط،  والانتقاد الاذع من قبل الكتابات اليهودية،  وعلي ما استنتجه سارتر في انكاره لوجود مجموعة تاريخية يهودية لا بالتصور القومي او الديني،  وانما هي مجموعات جاءت رد فعل من التشرذم والتشتت والتمايز ضدهم انذاك.
واخيرا مع الفيلسوفة الالمانية "حنة ارنت" التي تخلت من مناصرتها لمشروع الدولة اليهودية في فلسطين،  وكتبت في عام 1942م سلسلة مقالات بعنوان" ازمة الصهيونية" اعتبرت ان الصهيونية اساءت للمثل التحررية اليهودية بتحويلها الي ايديولوجية قومية بحتة .
وجاء ذلك التحول سببا في مأساة الشعوب اليهودية نفسها، قائلة:"الصهيونية استعارت من القومية الالمانية فكرة الامة،  بصفتها كيانا عضويا ازليا ونتاجا طبيعيا وضروريا لمزايا وخصائص ملازمة لها".
اي بمعني اوضح : ارادت الكاتبة ان تثبت ان طبيعة الايديولوجية الصهيونية لم تاتي من نتاج طبيعي بمراحله، والتدرج المتسلسل حتي اصبح كيانا قوميا ينادي بالتوحد،  والتجمع وانشاء الوطن القومي، مما اربك التجمعات اليهودية المتفرقة وتحمل مسؤلية الواعز الديني،  والعبئ التوراتي في قيام الدولة العبرية ، وكثرة الكتابات اليهودية المعادية لقيام الدولة اليهودية من باب العقيدة والدين .
وواصلت الفيلسوفة الالمانية "ارنت" ابراز حقيقة الصهيونية بعد انشاء الدولة العبرية تحت عنوان"مفارقة الانتصار البائس"، وفيها شبهت قيام الدولة اليهودية بالفخ الصهيوني داخل محيط عربي رافض له،  مما يحكم علية بالانعزلية الدائمة والجسم الغير مرغوب فيه،  مماادي الي الاهتمام الكبير نحو تكوين استراتيجية عسكرية ممزوج بعقيدة والدين التوراتي، بدلا من نشر الثقافة والتسامح والانجذاب نحو العالم العربي بسلام عادل مثلما الذي تنادي عليه الان،  عارضة نواياها الحسنة بيد من ذهب للتحالف معها من باب الامن والسلام كما تزعم.
استطعنا الان من التاكد من وجود الابتعاد والاختلاف والتجذاب بين الافكار الصهيونية للمخزون الديني،  والايديولوجي الصهيوني والتي احدثت شرخ مزمن وازلي لا تنتهي اثاره السلبية علي قوة هذا الكيان، التي تكمن في القوة العسكرية والاقتصادية ، اذا كانت هذه نقاط القوة فان نقاط الضعف تكمن في الاعتماد الكامل علي قوة خارجية اخري التي تم خرقها ووضعفها، وبالتالي سوف ينعكس الامر بالانهيار علي التوابع التي ترعاها في مدارها السياسي والاقتصادي الممتد من دون شك.
ان هذه هي النتيجة التي كنا بصددها من قراءتنا النقدية للحركة الصهيونية، والتي اكدت موقفها التحليلي في علم النفس السياسي الغربي والارض التي نشأت بها الحركة الصهيونية ذات اصول غير متجانسة.

ليست هناك تعليقات: