الخميس، 29 أبريل 2010

ماذا قيل عن الصهيونية؟؟ .. ارنولد توينبي


بقلم : أ. سماح رمضان

نتحدث اليوم عن ذكريات نتنفس بها وتشفي بعض الجراح التي نزفت ولازالت لحتي اليوم تحرقنا في كل ذكري سنوية تشعرنا وتذكرنا بمأساتنا.
ارنولد توينبي كاتب بريطاني ومؤرخ عالمي عاصر كثير من الاحداث التي رسخت تغييرا جغرافيا او سياسيا علي الساحة العالمية ، وقد تطرق الكاتب للصراع الازلي العربي الصهيوني بعدما تتبع السيرة الذاتية لهذا الصراع وموضحا وجهة نظرة العميقة من خلال مقالاته التي لاقت الكثير من الصخب والانتقاد من الراي العام ...ولكن لماذا كل ذلك الاعتراض حتي وصل لهذا الاحتدام؟؟
كانت احدي مقالاته تحمل عنوان :"اليهود والفلسطينين " في سنة1955م .
هدف توتبني الي الربط بين النكبة الفلسطينية العربية 48م ومابين المحرقة اليهودية 42م ...
هل كان مؤيدا ومنصفا لليهود وللجرائم التي اقترفتها بحق الفلسطينين في تلك الفترة؟ ، ام كان يؤيد للفلسطينية ولم تعرض له من الهوان والظلم والتشريد؟؟
قبل الاجابة علي هذه الاسئلة يجب ان انوه لبعض الجمل الي كررها الكاتب في مقالاته التي كتبها ودافع عنها امام معارضيه:
• انا لست عربيا ولا يهوديا وليس لي اية مصلحة شخصية في ان احابي او احمل علي اي الفريقين.
• ان مأساة الطبيعة الانسانية السبب في الصراع...وهي ان القوم الذين يعانون من شئ يجب ان يفرضوا هذا الشئ علي قوم اخر.
• ان بريطانيا تحمل اكبر قسط من المسئولية في النزاع بين العرب واليهود ..جاءت دولة محتلة وبعد ذلك منتدبة..!!!
• فمنذ البداية وحتي النهاية لم تكن في تفكير في اية خطة عملية لاقرار الامور سلميا في وضع فلسطين غير المستقر القابل للانفجار الذي اوجدته بريطانيا بترو وتعمد.
• باعتباري بريطانيا ..فاني اشعر شخصيا بهذه المسؤولية ولاني لست عربيا ولا يهوديا.
• قصة فلسطين..مأساة وليس بقتال نشب عام1948م...

اعتقد الان بدأت الامور بالوضوح وتجمعت الافكار وفهمت معناها بعد هذه الجمل التي نطق بها مؤرخنا وعمق انسانيته التي تحدث بها بالرغم من انه بريطانيا ، لقد كانت وجهته التي قرأ منها الحقيقة حينئذ تصب في احداث ومجريات كارثية وكانه عاشها مكانيا دون ان يسمع صداها من دولة الي اخري.
تعمد الكاتب توتبني من تدخل التحليل النفسي لطبيعة النسق الذي اتخده الجرم الصهيوني، وقد جاء التحليل كالتالي:
"هذه هي مأساة الطبيعة الانسانية ..وهي ان القوم الذين يعانون من شئ يجب ان يفرضو هذا الشئ علي قوم اخرين ، فلقد عاني اليهود طوال اَلاف السنين من القتل والسرقة والطرد من ديارهم...". وخير دليل نجده علي التاريخ الاسود الذي لحق بالقوادر الصهيونية الان ومنهم من صعدو بالمراكز الحساسة السياسية والعسكرية امثال الخارجية والدفاع والجيش والداخلية ...كل هؤلاء من مواليد روسيا والمانيا وقد استقوا مرارة الذل والهوان والفقر في تلك الفترة العصيبة من بداية اعمارهم...والان هم من يقترفو جريمة تتلوها جريمة بحق الفلسطينين وكانت منها حرب غزة والتي ليست باخر الحروب .

"فمنذ البداية والنهاية لم تكن في تفسير البريطانين اية خطة عملية لاقرار الامور سلميا في فلسطين "...هذا النص جاء رد توتنبي لمقالة يهودية ل"مس سيركن" التي اعترضت ميله للعرب وانهم علي صواب واليهود علي خطأ...
نعم ...منذ ذلك الحين وحتي هذه اللحظة ننتظر الدولة الفلسطينية وعودة اللاجئين وتحرير القدس الشريف وانهاء الاحتلال والاستيطان وحق الشعب في تحقيق مصيره وسيادته وكرامته.. جميع تلك الثوابت الوطنية كررت عبر الكثير من الخطابات الانشائية منذ سنوات وشخصيات متعددة بداية بالشقيري امام الامم المتحدة وصعودا بالسلطة الفلسطينية وياسر عرفات وحاشيته وغيرهم من الشخصيات الصادقة امثال عزمي بشاره وعبد الباري عطوان ...وانتهاءً برفيق الحسيني ..اعزكم الله.
والان حكومة الرجل الاسود لاتضع خطة قوية وصادقة بما انها راعية لعملية السلام منذ ان ابرم علي الورق ومازال..
وحتي الان تماطل في هذا الحق وتسارع في اعطاء وتوفير الامان لطفلها المدلل في سبيل عدم الضغط عليه في حلول وان كانت مؤقتة وتنازلات رخيصة عربية لا تذكر..وقد اصبحت قابلة للانفجار منذ عام1955م وهي كل يوم قابلة للانفجار !!!
اذن متي سوف تنفجر؟؟؟
لعلنا نخرج من عنق الزجاجة ويبقي منا مايبقي .
لقد اشفقنا علي توتنبي ووصف فلسطين بالقصة المأساوية لماذا..هل كان ذلك بسبب حقارة الفرق الصهيوينة في نهش الدم الفلسطيني عام48م؟؟ بالرغم انه حدث الاكثر بشاعة من ذلك وعمق نزفا من تلك الفترة ...
ليته كان يعاصر الجديد من المستجدات علي القصة المأساوية وماوصلت اليه من ذل وهوان وانقسام.
ولكنه يعود مرة اخري بمسمي ولسان وضمير حي اخر.. مثل جورج قلاووي ومن معه الذين جاؤا الي غزة بعناء الطريق الطويل وقسوة عقباته العربية العربية التي كانت سببا في استمرار الحصار اليوم.
ويستمر توتبني بالتحليل النفسي للكارثتين ويقول :" ان مقياس المأساة ليست احصائيا وانما روحياً..ماذا يقصد؟؟؟
يقول ان ما قتل بالمحرقة اليهودية فاق الملايين من القتلي والعدد المضاعف من الجرحي علي يد الالمان ، ولكن هذه المحرقة بحجمها الكمي لم تؤثر علي النسيج الداخلي لتكوين وطن قومي بالسلب ، وانما لجأت الي اقرب صديقاتها بريطانيا في تمهيد الطريق لها لفلسطين وكان ذلك نابعاً من العقائد الدينية والدنيوية العنصرية والتفرقة مابين اليهود والعرب ومماادي الي حدوث سلسلة من الجرائم بحق الفلسطينين.
وبالمقابل نجد ان هذه النظرية النفسية بقيت احصائية بالنسبة للعرب...
عندما تاتي الذكري السنوية لاية مناسبة وطنية او لنكبة او نكسة فلسطينية وعربية ماذا نفعل؟؟؟
مزيداً من الاحتفالات؟؟
مزيداً من الندب والشجب ؟؟
تزيين الكلمات الانشائية ؟
زيادة التعبئة الجماهيرية؟؟
تولي مناصب سياسية مرموقة؟؟
بكاء وعويل لضحايا الحرب؟؟ مزيدا من التبرعات المالية لاسكاتهم؟؟
كل ماسبق هل يسوي قطرة دم شهيد دافع عن وطنه حاملا سلاحه وايمانه ويقينه بالنصر؟؟
ان هذا الزمن لزمن النفاق السياسي العلني والمشرع به ان يكون متواجداً وغير ذلك ..فهو لا يستطيع التنفس او النطق برايه والتعبير عن حق فلسطين والعالم العربي باسره
انه لعصر الفتنة السياسية التي تعطي الحق للظالم وتدحر المظلوم فوق ظلمه....

اعتذر لطول فترة غيابي ...اليكم تحياتي جميعاً

ليست هناك تعليقات: